Thursday, July 10, 2008

فنان الأغنية الدارجة الفكاهية: صالح الخميسي 50 سنة على رحيلو

خمسين سنة على رحيل علم من أعلام مرحلة الأغنية الدارجة المزيانة... ولد الحلفاوين صالح الخميسي... بش يتم الاحتفال بالذكرى هذية لمدة أربعة أيام في دار الثقافة باب العسل بداية من نهار الثلاثا الجاي (شوف التفاصيل في الصباح هنا)...

نحط هنا نماذج من غناياتو (للتنزيل من موقع ملتقى التونسي عبر صيغتي الريال بلاير أو الأم بي 3): الراديو و جميع الحروبات وفات و القفة

Tuesday, June 17, 2008

ضرورة إحياء العربية كلغة معاصرة

تحتاج العربية ليومإلى تثوير لأوضاعها خاصة وهي تعيش داخل سوق لسانية تهيمن عليها لغة الإقتصاد و التكنولجيا لغة رعاة البقرفي حين تخلت لغة الضاد عن دورها كوعاء لفكر كوني ومن ثمة فانها تحتاج اليوم الى هضم الفكر المعلوماتي و تجاوزه لاستعادة دورها التنويري ولعل من علل خمود العربية قلة المعاجم التي تثبت مصطلحاتها فبالرغم من قيمة الكفاءات اللسانية بتونس على سبيل الذكر لا الحصر طيب البكوش و عبد القادر المهيري و عبد الرزاق بنور فان المعاجم المختصة نادرة الوجود


دعا رئيس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الاتصالات في الأردن الدكتور أحمد حياصات إلى
إعادة بناء معاجم لغوية جديدة تكون صالحة لاستعمال الشبكة العنكبوتية، وتعتمد تصنيف عمر المفردة وتاريخ دخولها واختيار المناسب في المعنى والشكل وفرزه لمحتوى الشبكة العنكبوتية في لغة بديلة عن التي يجري صبها في الحياة اليومية.
وقال في ورقة عمل قدمها اليوم لندوة "اللغة العربية والتقنيات الحديثة" التي ينظمها مجمع اللغة العربية الأردني ضمن موسمه الثقافي السادس والعشرين إنه لا بد من إعادة تشكيل اللغة الجامدة والقديمة وتصنيعها لتقترب من العاميات وصياغة لغة شاملة أقرب للغة الصحافة حتى لا تهرب الأجيال من صعوبة اللفظ والرسم والقواعد وازدواجية الاستعمال بين اللفظ والتفكير وطبيعة اللغة الموروثة.
ودعا الدكتور حياصات إلى فك القداسة عن تصريف المفردات وإدخال مفردات جديدة مؤكدا الحاجة لمجامع جديدة موازية تجمع بين علماء اللغة وعلماء الحاسوب ومصممي محتوى الإنترنت ليكون الطريق سالكا في تطويع اللغة للمضمون وتطويع المضمون الجديد للغة.
جانب من المشاركين في الندوة (الجزيرة نت)ويرى الدكتور حياصات في ورقته "اللغة العربية والشبكة العنكبوتية.. قضايا وحلول" ضرورة عدم ترك الأجيال في العراء يشتكون لغتهم ويتصالحون عليها أو يتوافقون ويفرضونها بقوة فتصبح أخطاؤهم السارية والمستعملة هي القواعد التي لا تستطيع بعد ذلك عزلهم عنها.
وحسب حياصات فمن الأهمية بمكان إرسال بعثات متخصصة للاطلاع على جهود الشعوب الأخرى في صناعة محتوى الإنترنت من لغاتهم وكيفية تطوير اليابانية والصينية وغيرهما لمعرفة المشكلات، وكيف استطاعوا أن يواكبوا ويبدعوا ويتفوقوا.
وقال إن لغتنا الجميلة في خطر بامتحان محتوى الشبكة العنكبوتية، وعلينا العمل لاجتياز الامتحان وأملنا في الأجيال القادمة المتسلحة بالمعرفة.
لغة الهاتفوتحدث الدكتور فواز أحمد الزغول في الجلسة الثانية فقال إن اللغة المستخدمة في الهاتف المحمول لغة ذات رموز وحروف خاصة ظهرت من خلال تقنية الرسائل القصيرة التي تتميز بأنها أصبحت بديلا للغة الشارع والمقاهي والجلسات العامة واصفا إياها بأنها لغة هجينة بين لغات مختلفة منها العربية والإنجليزية، وظهر ما أسماه مصطلح "العربيزي".
وتطرق في ورقته التي أعدها بمشاركة جناح حباشنه مساعد مدير المكتب الإقليمي بفرع الأردن من أكاديمية الفيصل، لأسباب انتشار لغة المحمول فقال إن الشباب أكثر استخداما لوسائل التقنية الحديثة وأقدر على توظيفها لتوفير مساحة من الحرية والخصوصية والسرية التي لا تتيح لغيرهم معرفة ما يدور بينهم من حوارات.
عربيات: المتحضر بأوروبا في القرون الوسطى كان يفتخر بمعرفة اللغة العربية (الجزيرة نت)
وأشار بهذا الصدد إلى دراسة بعنوان "ثقافة الشباب العربي" للدكتور علي صلاح محمود جاء فيها أن اختيار الشباب ثقافة ولغة خاصة بهم هو تمرّد على النظام الاجتماعي، محذرا من ظهور لغة موازية تهدد مصير اللغة العربية في الحياة اليومية. كما أن شعور الشباب بالاغتراب دفعهم لتكوين عالمهم الخاص بعيدا عن قيود الآباء، جاعلين ذلك قناعا في مواجهة الآخرين.
ورأى الدكتور الزغول أن اللغة العربية ستبقى حبيسة التخلف على شتى المستويات ولن تعود لعزها إلا بالعمل على ارتقاء المكانة الأعلى بين الأمم، وقال إن المؤرخين صدقوا حين تنبؤوا بسقوط الأندلس مع بداية انهيار اللغة فيها.
عجز العلماءمن جهته قال الدكتور عبد اللطيف عربيات التربوي والسياسي المعروف عضو مجلس مجمع اللغة العربية الأردني في تصريح للجزيرة نت إن اللغة العربية ضحية جهل أبنائها وعجز علمائها، فهي لغة حضارة وعلم سادت العالم عدة قرون، وكانت المعلم والملهم لكل أنواع العلوم والغرب يغط في سبات العصور الوسطى. وأوضح عربيات أن المتحضر بأوروبا في تلك العصور كان يفتخر بأنه يتحدث اللغة العربية، وأن مكتبة الحاكم الثاني في الأندلس كانت تحوي 60 ألف مجلد في حين كان بمكتبة باريس تسعة آلاف فقط
.

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/8BAC4176-2B16-450F-B8DA-7127702A17AF.htm

Monday, June 16, 2008

دورالأمير والمثقف في استمرار الاستعمار اللغوي والثقافي


لأنّ موضوع اللغة الدارجة شديد الإرتباط بمسألة علاقة التونسي بلغته الوطنيّة بشقيّها الفصيح والعامّي، فإنّي أرى أنّه من المفيد الإطلاّع على أعمال المختصّين في هذا المجال. ولعلّ أبرزهم أستاذ علم الإجتماع بكلّية العلوم الإنسانيّة 9 أفريل، الدكتور محمود الذوادي. وهذا الأخير من أبرز المنادين بضرورة الإهتمام بمسألة "التخلّف الثقافي واللغوي" ، كما وصفها في كتاب له يحمل نفس العنوان، التي يعيشها مجتمعنا، بشكل متفاقم، منذ عقود.


دورالأمير والمثقف في استمرار الاستعمار اللغوي والثقافي




بقلم: محمود الذوادي (*)

فقدان التعريب النفسي في عهد الاستقلال
إن الباحث الاجتماعي في علاقة التونسيين بلغتهم الوطنية/اللغة العربية بعد أكثرمن نصف قرن من الاستقلال لايصعب عليه ملاحظة ما نسميه ظاهرة غياب التعريب النفسي بين أغلبية التونسيين.
وتعني هذه الظاهرة عندنا أن اللغة العربية ليست لها المكانة الأولى بطريقة تلقائية وقوية ومتحمسة لافي قلوب ولافي عقول ولا في استعمالا ت معظم التونسيين اليوم. وبدون حضورالتعريب النفسي المتين بين كافة الفئات والطبقات الاجتماعية بالمجتمع التونسي لا يجوز انتظارنجاح سريع وكامل في مشروع التعريب.وهذا ما يفسر تعثر وتعطل سياسات التعريب منذ فجر الاستقلال. إذ ركزت تلك السياسات على التعريب الكتابي في الادارات والمؤسسات التونسية وأهملت إعطاء التعريب النفسي المكا نة الأولى في استراتيجية التعريب.
وبالتأكيد فإن علم الاجتماع اللغوي ينظر إلى غياب التعريب النفسي على أنه حالة مرضية وفي أحسن الأحوال سلوك لغوي منحرف من طرف جل الفئات والطبقات الاجتماعية التونسية. فعلماء الاجتماع اللغويون يقرون بأن العلاقة بين أفراد المجتمع ولغتهم الوطنية هي في الظروف المجتمعية العادية تكون علاقة طبيعية.أي أن عامة الناس في المجتمع يستعملون، من جهة، لغتهم الوطنية في كل شؤونهم الحياتية، ومن جهة ثانية، تحتل لغتهم نفسيا المكانة الأولى عندهم بحيث يعتزون بها ويغارون ويدافعون عنها كلما وقع تهميشها أو تحقيرها والسخرية منها في مجتمعها ومن طرف أهلها.

نطق الأرقام بالفرنسية
فالأمثلة الميدانية الصغيرة والكبيرة لاتكاد تحصى التي تشير إلى عدم نجاح التونسيين في تطبيع علاقتهم مع اللغة العربية حتى في أبسط الأشياء. فعلى سبيل المثال فحسب، فأغلبية التونسيين لايكادون ينطقون الأرقام باللغة العربية سواء في تبادل أرقامهم الهاتفية أوفي الحديث عن خطوط شبكة المترو أو في الإشارة إلى أقسام منطقة الحي السكني للمنزه.فتسمعهم يقولون المنزه سنك(5) وليس المنزه خمسة والمترو كاتر(4) وليس المترو أربعة.أما تبادلهم لأرقام هواتفهم بالفرنسية فحدث ولاحرج.يضاف إلى ذلك بعض الذين، ومن النساء خاصة، لا يذكرون أسماء الأيام إلا بالفرنسية. فهذه لها موعد لومردي عوضا عن الثلاثاء أوهي سوف تزور أهلها لوسمدي بدلا من السبت.
إن هيمنة استعمال اللغة الفرنسية لدى التونسيين في التعامل مع الأرقام ظاهرة طريفة شرحنا أسبابها النفسية والاجتماعية في كتبنا ومقالاتنا. وندعوالقارئ والقارئة لهذا المقال لكي يفكرا بطريقتهما في أسباب هذا الميل الكبير لنطق عالم الأرقام بلغة موليار.
أما على المستوى الكتابي فعلاقة التونسيين مع اللغة الوطنية ليست أيضا بالعلاقة الطبيعية. فمعظم التونسيين يطبعون بطاقات عملهم cartes visites ويكتبون شيكاتهم ويمضون فيها وفي غيرها من الوثائق حتى العربية منها باللغة الفرنسية.ويذ كرنا هذا بحال زميلة تدرس اللغة الفرنسية في كلية 9 أفريل كانت تعتقد أن دفتر شيكاتها خال من الحروف العربية.فطلبت منها إخراج الدفتر،فإ ذا بها تكتشف لأول مرة أن الدفتر يحتوي فعلاعلى فضاء مكتوب بحروف عربية لمن يرغب في كتابة الشيك باللغة العربية.مما لاشك فيه ان غياب التعريب النفسي عند هذه الزميلة هو الذي يفسر جهلها لعقود لوجود الحروف العربية على شيكات دفاتيرها التي استعملتها عبر تلك العقود.

معالم الاستعماراللغوي الثقافي في الشخصية القاعدية
يرى فريق من علماء الأنثروبولوجيا والاجتماع أن ثقافة المجتمع (لغته، عاداته، قيمه، تقاليده الدينية، الخ...) تؤثر تأثيرا كبيرا في تشكيل المعالم المميزة للشخصية القاعدية La Personnalité de Base لأفراد ذلك المجتمع. تساعد هذه الرؤية العلمية،مثلا، على تفسير اختلاف نماذج الشخصيات القاعدية لمجتمعات متجاورة جغرافيا.
مما لاريب فيه أن السلوكات اللغوية التونسية الواردة في المؤشرات السالفة الذكر هي معلم بارز من معالم ثقافة المجتمع التونسي المعاصر. وهذا يعني أن الإرث اللغوي الثقافي الاستعماري لا يزال يمثل واقعا رئيسيا متجذرا في ثقافة الحياة اليومية للتونسيين وذلك بعد أكثر من نصف قرن من الاستقلال. وبعبارة أخرى، فإن ذلك الإرث اللغوي الثقافي الاستعماري الفرنسي أصبح عنصرا أساسيا في تشكيل الشخصية القاعدية التونسية لعهد الاستقلال، وذلك بسبب العلاقة الوثيقة بين الثقافي (اللغوي) والنفسي المشار إليها في مقولة علماء الأنثروبولوجيا والاجتماع المعاصرين بخصوص تأثير العوامل الثقافية في بناء الشخصيات القاعدية للمجتمعات. ومن ثم، فاستمرار الإرث اللغوي الثقافي الاستعماري القوي يمثل أرضية صلبة لوجود واستمرار الحضور الواقعي الملموس لمعالم الاستعمار النفسي الخفي الذي لا تدركه أو لا تود الاعتراف بوجوده أغلبية التونسيين وذلك لسببين على الأقل: أولا،أن هذا النوع من الاستعمار أصبح جزءا مكينا من التركيبة النفسية لشخصية الأفراد. ومن ثم، لا يكاد هذا الوضع النفسي يسمح لهم بالنظر إليه عن بعد وبالتالي بكثير من الموضوعية. ثانيا،أن الاعتراف به عند القلة القليلة أمر مؤلم لمن يعايشه، إذ هو يحدث إحراجات وتوترات وصراعات وانفصامات في شخصية الأفراد بسبب إزاحة الستار عن الوجه الآخر للطبيعة الحقيقية للاستعمار اللغوي الثقافي/النفسي.
يساعد هذان العاملان على فهم وتفسير أسباب استمرار صمت أغلبية التونسيين حتى على مجرد طرح موضوع الاستقلال/التحرر اللغوي الثقافي. بينما نادوا وتحصلوا على الجلاءات الثلاثة: العسكري والسياسي والفلاحي.
إن تحليلنا في هذا المقال، يعين على إدراك أسباب تبني التونسيين لسياسة المكيالين في مشروع الاستقلال والتحرر من الاستعمار الفرنسي برؤوسه الأربعة، إنها سياسة تبقي حتما استقلال المجتمع التونسي منقوصا وذلك في أعز جوانب استقلال وتحرر الشعوب، ألاوهو التحرر اللغوي الثقافي.
إن فقدان الاستقلال اللغوي الثقافي بالمجتمع التونسي بعد أكثر من خمسة عقود من نهاية الاحتلال الفرنسي تهتم بدراسته ما يسمى بدراسات ما بعد الاستعمار Post Colonial Studies..نحن نرى أن جذور مخلفات الاستعماراللغوي الثقافي جذور سياسية ثقافية في المقام الأول. وبعبارة أخرى، فالأمير والمثقف لعبا ويلعبان دورا رئيسيا وحاسما ليس في استمرار ثقل بقايا الاستعمار اللغوي الثقافي فحسب بل في إعطاء مشروعية قوية لوجوده وانغراسه في عقلية الناس وفي شخصيتهم القاعدية وفي عقلهم الباطني.

دورالأمير والمثقف في غياب التحرر اللغوي الثقافي
أشرنا في كتاباتنا السابقة أن القيادة السياسية في العهد البورقيبي لاتكاد تعترف بأن استمرار هيمنة اللغة الفرنسية وثقافتها في المجتمع التونسي بعد الاستقلال هو ضرب من الاستعمار.إذ اقتصر تصور تلك القيادة للاستعمار الفرنسي على الاحتلال العسكري والسياسي والفلاحي. وبالتالي نادت القيادة البورقيبة بالاستقلال السياسي والجلاء العسكري والفلاحي. أما المناداة بالاستقلال اللغوي الثقافي فغائبة بطريقة شبه كاملة بعد أكثر من نصف قرن من الاستقلال ليس بين النخب السياسية فقط بل أيضا بين المثقفين والمتعلمين وعامة الشعب.
فمعالم استمرار ظواهر الاستعمار اللغوي الثقافي بالمجتمع التونسي لاتكاد تلقى اهتماما يذكر من طرف الباحثين الاجتماعيين منذ الاستقلال. فحالة الاغتراب مثلا بين أغلبية التونسيين المتعلمين والمثقفين ورجال ونساء العلم، من جهة، واللغة العربية /لغتهم الوطنية، من جهة ثا نية لا يتطرق لها عادة هؤلاء الباحثون.لقد أطلقنا على تلك الظاهرة ،كما بينا، مصطلح غياب التعريب النفسي عند التونسيين اليوم. ويتمثل هذا في ملاحظة متكررة تؤكد فقدانا واسعا وشديدا لعلاقة حميمية بين التونسيين ولغتهم الوطنية/اللغة العربية. وهذا ما يفسر ندرة أو غياب ظاهرة الدفاع والغيرة على اللغة العربية بين أغلبية التونسيين بعد أكثر من خمسة عقود من الاستقلال.. وكمثال ميداني آخر لما سبق ذكره نشير إلى صمت التونسيين على لافتات قسم الغلال المكتوبة بالفرنسية فقط في مغازات المونوبري. يعترف العاملون بالمونوبري بأنهم لايتذكرون احتجاج أي تونسي على هذا الأمر. فغياب مثل هذا السلوك شيء غريب في الظروف العادية بين المجتمع ولغته الوطنية. وبالتأكيد فلا ينتظر أن يصمت وأن لايحتج الفرنسيون والألمان والايطاليون... على المغازات التي لاتستعمل فقط أو في المقام الأول لغاتهم الوطنية.
ما وراء الصمت على السيادة اللغوية والثقافية
والسؤال العلمي المشروع هنا هو: لماذا يصمت الباحثون الاجتماعيون عن ظواهر الاستعمار اللغوي الثقافي المنتشرة كثيرا في المجتمع التونسي؟ يجوز تفسير الصمت الشائع بين الباحثين الاجتماعيين بخصوص دراسة قضايا الاستعمار اللغوي الثقافي في المجتمع التونسي بعاملين رئيسيين:
1ـ علاقتهم بالسلطة السياسية/ الأمير في الفترة البورقيبية على الخصوص والمعروف عنها معارضتهالفكرة التحرراللغوي الثقافي من المستعمرالفرنسي كماذكرنا..
2ـ هناك مشروعية قوية للقول بأن صمت هؤلاء يعود أيضا في جانب كبير منه إلى تكوينهم اللغوي الثقافي الاستعماري/ الغربي على حساب تكوينهم في اللغة العربية وثقافتها الوطنيتين بحيث يحرمهم هذا التكوين حتى من مجرد الوعي بمخلفات الاستعمار اللغوي الثقافي واقتــران ذلــك بأزمـة الهوية ناهيك عن دراستها والتعمـق فيها وفــي انعكاساتهــا على هوية التونسيين ومجتمعهم. بذلك يعيد هؤلاء الباحثون أنفسهم لغويا وثقـافيا عبر أجيــال الاستقــلال. إنها عملية إعادة الانتــاج La Reproduction كما سماها عالم الاجتماع الفرنسي بيار بورديو.

اتجاهنا المعاكس في مسيرتنا البحثية
إن تهميش هؤلاء لدراسة ما نسميه بالتخلف الآخر بالمجتمع التونسي لصالح التركيز على الجوانب الاقتصادية، مثلا، يعبر عن غياب انشغالهم بالأهم (الثقافة) في دراسة المجتمع التونسي. ومن جهتنا فإن مسيرة بحوثنا اتخذت وتتخذ اتجاها معاكسا يركز على ظواهر الاستعمار اللغوي الثقافي الأمر الذي سمح لنا بالتوصل إلى إنشاء منظومة من المفاهيم الجديدة مثل التخلف الآخر والتعريب النفسي والفرنكوأراب الأنثوية ثم ابتكار نظرية الرموز الثقافية. إن مقياس تأسيس علم اجتماع تونسي حق يعتمد على إنشاء مقولات معرفية ومفاهيم ونظريات فكرية منبتها هو تربة المجتمع التونسي. وبالتالي عند ما نسأل: هل توصلنا حقا إلى تأسيس علم اجتماع تونسي ذي هوية خاصة به في فترة الاستقلال؟ تكون الإجابة بنعم أولا وفقا للمقياس المذكور قبل قليل. وبتعبير ابن خلدون " وإذا فعلنا ذلك كان ذلك لنا قانونا في تمييز الحق من الباطل في الأخبار والصدق من الكذب بوجه برهاني لامدخل للشك فيه".

خاتمة فكرية
تتمثل مخاطر صمت الباحثين الاجتماعيين عندنا عن تلك المعالم من الاستعمار اللغوي الثقافي في معلمين رئيسيين:
1- تنكر لواقع لغوي ثقافي لايجوز جهله أو إخفاءه من طرف أي باحث يتصف بالموضوعية والحياد والالتزام في المقام الأول ببناء صرح المعرفة والعلم لاغير.
2- يمثل هذا التنكر لاستمرار الاستعماراللغوي الثقافي لدى الباحثين الاجتماعين صورة سوداء للمثقف كمنارة ريادية للتحرر والانعتاق من الاستعمار بكل أشكاله ومن سلطة الأمير الذي لايتحمس لاكمال مسيرة استقلال البلاد والعباد من أخطر أنواع الاستعمار، ألا وهو الاستعماراللغوي الثقافي.

(المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 15 جوان 2008)

Saturday, April 19, 2008

دراسات علمية في مشكل الدارجة و اللغة

من بين أهداف المدونة متاعنا أنو اناقشو مشكل علاقة الدارجة التونسية باللغة العربية بشكل علمي و نحاولو نقراو للناس إلي تعبت و كتبت في الموضوع و إلي يحللو مش من منطلقات سياسية لكن من منطلقات علمية... عادة قلت مافيها باس كان نبداو نلمدو مقالات في الموضوع و نحطوها على الانترنت بالنسبة للناس المهتمة بالموضوع و في اتجاه تعميق النقاش... عندي ملاحظة أخيرة: هذية مجرد دفعة أولى من المقالات... كلها بالانجليزية و ماهياش مركزة على الدارجة التونسية لكنها تتحدث عليها و عليى بقية اللهجات العربية... لأنو من الناحية المنهجية هذية مسائل مرتبطة ببعضها... انشالله نهبطو مجموعة جديدة من المقالات عن قريب

عرض نقدي لكتاب عن لهجات تكرونة

مقال عن الشعر الشعبي في منطقة شمال إفريقيا

مقال عن التكون التاريخي للعربية الفصحى

مقال عن الشكل و الايديولوجيا في النقاش العربي حول موضوع الدارجة

مقال عن تاريخ اللهجات في العربية

Thursday, April 3, 2008

ردّ سريع علي مقولة " اللوغة التونسية"...

هذا ردّ طويل نسبيا على تدوينة لسي طارق الشنيتي هنا ، تتعلّق بمقولة " اللغة التونسية"، وهي في الحقيقة عودة الي موضة قديمة، ظهرت منذ السبعينات، وفشل أصحابها في اقناع المجتمع بها. اذ يذكر انّ مجموعة " العامل التونسي" - مجموعة ماركسية لينينة من أقصى اليسار-، تبنّت في مرحلة ما مقولة الأمّة التونسية والهويّة التونسية، بل وذهبت الى اصدار جريدة بالدارجة، اعتقادا منها انّها بذلك ستصل بشكل أكثر سهولة الى عقول وقلوب الفئات الشعبية. لكن مع الوقت، اتضّح لهذه المجموعة، مدى طفوليّة الفكرة وانّ الشعب التونسي هو بحكم التاريخ والجغرافيا والثقافة المشتركة جزء لا يتجزّأ من محيطه العربي، وانّه لا يمكن التعسّف علي دارجة ذات أصول عربية واضحة وتحويلها رغما عنها الى لغة حقيقيّة.

***************

تاريخيا، اللغة المالطية هي وريثة " اللنغوا فرانكا" اللي كانت سائدة في مرحلة معيّنة في موانئ البحر المتوسّط وكانت يستعينوا بيها البحّارة من مختلف البلدان باش يتفاهموا ويتواصلوا فيما بينهم. يعني بعبارة أخرى، في الأصل الأمر يتعلّق بلغة وظيفيّة، هي خليط متناثر من لغات مختلفة. وكان لهذه "اللغة" أهداف محدّدة، مثل لغة البراي بالنسبة لفاقدي البصر أو لغة الإشارات للصمّ والبكم أو لغة الإسبيرانتو... ممّا يعني ايضا ، انّ هذه اللغة ليست لغة ايّ بلد من بلدان ضفتي المتوسّط وهذا أمر طبيعي. وطبيعي ايضا، ان تتحوّل هذه اللغة الهجينة الى لغة المالطيين، الذين بدورهم خليط حقيقي من الشعوب ، نظرا لموقعهم الجغرافي في قلب البحر المتوسّط الذي جعل جزيرتهم تشهد مراحل متعاقبة من الإحتلالات كما لم يشهده ايّ بلد آخر.

الحالة المالطية هي اذن حالة استثنائية تحفظ ولا يقاس عليها. وبالتالي، لا أفهم دوافع هذا "الحنين" للغة ماعندها لاساس ولا راس كالمالطية
، والدعوة الي التخلّي عن لغة عريقة، من أكثر اللغات تداولا في العالم، ومعتمدة كلغة من اللغات الرسمية الستّ للأمم المتحدّة؟.فالعربية لغة لها قواعد صرفية ونحوية معروفة ودقيقة، وفيها من جذور الكلمات ما يسمح بإشتقاق كلّ المصطلحات الضرورية " لتوليد المعرفة" كما بيّن ذلك تقرير التنمية البشرية للأمم المتّحدة بالعالم العربي لسنة 2003.

أمّا فيما يخصّ ما ذكرته عن "لوغة تونسية" متفرّدة وما استشهدت به من كلمات، فإسمح لي بإبداء الملاحظات التالية:

- أولا، لا أرى تناقضا في الإقرار بإحتواء الدارجة التونسية على كلمات ذات أصول غير عربية وهذا أمر طبيعي وموجود في كلّ اللغات والدارجات، فمثلا هنا في الكيباك يتحدّثون دارجة فرنسية، فيها الكثير من الكلمات الوافدة من الآنقليزية، لأسباب تاريخية وجغرافية معلومة، ومع ذلك لم أسمع احدا من الكيباكيين يتحدّث عن " لغة كيباكيّة" مختلفة عن الفرنسية. وايضا اللغة الإسبانية، قرأت سابقا انّ ربع كلماتها ذي أصول عربية، فهل سمعت اسبانيا ينكر الأصول اللاتينية للغته أو يقول انّ لغته هي خليط من اللغات،؟ علما وانّنا لا نتحدّث عن دارجة وانّما عن لغة مكتملة ومنتشرة دوليا، وايضا نفس الأمر ينطبق على بلدان أميركا اللاتينية، فشعوب هذه الدول تتحدّث امّا الأسبانية أو البرتغالية بدرجات مختلفة عن اللغة الأمّ، تتفاوت من دولة الى أخرى، فهل نسمع ببرازيلي يقول انّ دارجته البرازيليّة هي لغة مختلفة عن البرتغالية؟ علما وانّ البرتغاليين يجدون بعض الصعوبة في فهم البرازيلين...

- وحتّي في الكلمات التي ذكرت، يبدو انك أغفلت، او لا تعلم، انّ كثيرا منها ذات أصول عربية واضحة. فمثلا:
كرهبة: أصلها كما يبدو من كهرباء-- لست متأكّدا ولكن قد تكون الفكرة وراء هذه التسمية هي: العربة المكهربة ربّما

- فيسع: قد تكون أصلها: في سعة، وتمّ ادغامها في عمليّة النطق

-آكاهو: واضح انّها ادغام لكلمتي: ذاك هو

- منرفز: أصلها من النرفزة وهي كلمة موجودة بالقاموس العربي. ربّما تكون وافذة، لكن ذلك أمر طبيعي يدلّ على قدرة للغة على التطوّر واستيعاب الجديد

- غناية: ماظاهرليش انّ ثمّة حاجة لتبيين العلاقة بين غناية وأغنية

- يتفرهد: ماهاش بعيدة على يترفّه...

- زليزة: من جليزة
(على فكرة، هناك أكثر من كلمة بالدارجة التونسية يتغيّر فيها نطق حرف "ز" الى "ج". مثل : زوز وأصلها: زوج - الإخوان في المغرب الأقصى ينطقونها بالشكل الأصلي مثلا- عرس بال"زازة" وأصلها : ضجّة. زغزغة: من جغجغة. وذلك أمر طبيعي وموجود في أكثر من دارجة عربية، فمثلا الفلسطينيون ينطقون القاف كاف والمصريرن ينطقون الجيم قاف - بزيادة النقطة- ولطرق النطق المختلفة أصل في اللهجات المختلفة لقبائل الجزيرة العربية، حيث لم تكن جميعها تنطق الحروف بنفس الطريقة، وهو مايفسّر ايضا لماذا عندنا ننطق كلمة " قال" بشكل مختلف بين مناطق الجنوب والشمال الخ...

- أعتقد انّ العلاقة واضحة بين قهواجي وقهوة

- برشة: أصلها عربي أصيل. فأصلها من أبرش وهو " المكان كثير العشب". كما انّ أصل شويّة : هو قطعة اللحم الصغيرة... حسب لسان العرب

- العلاقة بين قطّوس وقطّ تبدو لي واضحة ايضا...

- منقالة: اصلها من نقل وربّما تكون اصلها من المنقال - الكومبا- لما بينه من تشابه مع عقارب الساعة

السحابة: ظاهرلي واضح التشبيه التصويري-

- الشتا-- الشتاء ، وهناك من يقول المطر . وهذا يدلّ ايضا على مشكل عدم دقّة الدارجة في توصيف بعض الأشياد والظواهر وهذا أمر عادي بالنسبة للغة الدارجة، لأنّا لغة استعمال يومي وليست لغة علم وادارة وقانون ،الخ.

- لاموضة-- هناك كلمة الموضة في الفصحى، وهي كلمة وافدة

- يزّي، اصلها من يجزي: وهي مرادف ليكفي، يغني...



أمر آخر جدير بالذكر. هو انّه رغم قدرة الدارجة في التعبير عن حرارة العواطف الذاتية وعن تفاصيل الحياة اليومية، وحتّي على صياغة أدب شعبي محترم، فإنّها لا يمكن ان تضاهي ثراء الفصحي وغنى حقلها اللغوي. فللأسف الحقل اللغوي للدارجة ضعيف، وأضرب على ذلك مثلا وحيدا بسيطا: ماذا تقترح " باللغة التونسية" كترجمة لكلمة je veux?

وماذا تقترح لها من مرادفات؟

شخصيا، لا أعرف غير كلمة :"نحبّ" ، وفي ذلك كما تري تأكيد علي مدى غياب الدقّة في الدارجة التونسية، حيث تستعمل كلمة وحيدة للتعبير عن معنيين مختلفين أو أكثر
، فيما نجد أكثر من فعل بالفصحى: أريد، أودّ، أبغي، أرغب الخ.



في الختام، أريد ان أقول انّي لا أرى فائدة في محاولة نفي الأصل العربي الواضح للدارجة التونسية والسعي الى تحويلها تعسّفا الى لغة مكتملة الصفات والشروط، وذلك في اطار سعي قديم متجدّد لإحياء هويّات غابرة على أنقاض الهويّة العربية الإسلامية- بالمعنى الثقافي والحضاري وليس الديني. الأصحّ برأيي، هو محاولة مزيد العمل على تبسيط الفصحى وتقريبها من الدارجة، وهذا أمر قطعنا فيه أشواط كبيرة بفضل سياسة التعريب، على هناتها وتذبذبها، فآنظروا مثلا لغة المنشطّة المبدعة كلثوم السعيدي في الإذاعة الوطنية أو منشطّي اذاعة الشباب، سترون انّها دارجة عربية خالصة، رشيقة وجميلة ومحافظة علي خصوصيّتها التونسية. أنا لست من المحتقرين أو المهمّشين للدارجة التونسية، لكنّي ضدّ ان يتمّ استعمالها معبرا لتهميش الفصحى ولنفي الإنتماء العربي لتونس بإسم هويّات تاريخية ميّتة كالقرطاجية والبربريّة والخ. فأنا مع الإعتراف بهذه الهويّات والإعتزاز بها، لكنّي لا أرى سببا لإستدعائها من الماضي السحيق، فذلك لن يزيد شبابنا الاّ اضطرابا وضياعا فيما يخصّ انتماءه الثقافي والحضاري، وبالتالي سيزيد من تأخير حلّ القضايا الحقيقية التي تنتظرنا، كالديمقراطية والتنمية والعلمانية وغيره...